صلاة النبي (صلّى الله عليه وآله) وخديجة وعلي (عليه السلام)
السيّدة مريم نور الدّين فضل الله
منذ 11 سنةإن الصلاة حين افترضت على الرسول (صلّى الله عليه وآله) أتاه جبريل وهو بأعلى مكة ، فهمز له بعقبه في ناحية الوادي ، فانفجرت منه عين ، فتوضأ جبريل عليهالسلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر اليه ليريه كيف الطهور للصلاة ، ثم توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما رأى جبريل توضأ ، ثم قام به جبريل فصلى به وصلى رسول الله بصلاته. ثم
انصرف جبريل عليهالسلام فجاء رسول الله خديجة فتوضأ لها ليريها كيف الطهور ، كما أراه جبريل. فتوضأت كما توضأ لها رسول الله عليه الصلاة والسلام ، ثم صلى بها الرسول كما صلى به جبريل فصلت بصلاته.ومكث رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وخديجة ، وعلي بن ابي طالب (عليه السلام) يقيمون الصلاة سراً ما شاء الله. ثم أخذوا بالذهاب الى الكعبة غير مبالين باستهزاء قريش وسخريتهم ، والأذى الذي كانوا يلاقونه.
وأقام الرسول أول فرض
اقتدت فيه أحسن الاقتداء
وهي كانت لكل ما يتجلى
من رسول الهدى من الرقباء
فترى بالعيان ما لا تراه
من عظيم الآيات مقلة راء
وفي رواية عن عفيف الكندي ، قال:
« جئت في الجاهلية الى مكة ، وأنا أريد ان ابتاع لأهلي من ثيابها وعطرها ، فنزلت على العباس بن عبد المطلب.
قال : فأنا عنده ، وأنا أنظر الى الكعبة وقد حلّقت الشمس فارتفعت إذ أقبل شاب حتى دنا من الكعبة ، فرفع رأسه الى السماء ، فنظر ملياً ، ثم استقبل الكعبة قائماً مستقبلها وما هي إلا ان جاء غلام حتى قام عن يمينه ثم لم يلبث إلا يسيراً ، حتى جاءت امرأة فقامت خلفهما. ثم ركع الشاب فركع الغلام ، وركعت المرأة ، ثم رفع الشاب رأسه ، ورفع الغلام رأسه ، ورفعت المرأة رأسها ثم خرَّ الشاب ساجداً ، وخر الغلام ساجداً ، وخرت المرأة ساجدة.
قال : فقلت : يا عباس اني أرى امراً عظيماً فقال العباس أمر عظيم !! هل تدري من هذا الشاب ؟ قلت : لا ما أدري قال : هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن اخي ... هل تدري من هذه ؟ قلت : لا أدري. قال : هذه خديجة بنت خويلد زوجة ابن أخي هذا. ان ابن أخي هذا الذي ترى حدثنا أن ربه رب السموات والأرض أمره بهذا الدين الذي هو عليه والله ما علمت على ظهر الأرض كلها على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة » انتهى.
وإذا حلَّت الهداية قلباً
نشطت في العبادة الأعضاء
لما بعث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. جعل يدعو الناس سراً ، واتبعه ناس جلهم من الضعفاء ، من الرجال والنساء والى هذا المعنى يشير الحديث الشريف بقوله : ( ان هذا الدين بدأ غريباً ـ وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء ).
ولا يخفى ان أهل التاريخ وعلماء السير قد اجمعوا على أن أول الناس إيماناً
١٣٦
بالنبي عليه الصلاة والسلام خديجة رضي الله عنها ـ ثم علي بن ابي طالب
ففي المرفوع عن سلمان ان النبي قال : أول هذه الأمة وروداً على الحوض أولها إسلاماً علي بن أبي طالب. ولما زوجه فاطمة قال لها : زوجتك سيداً في الدنيا والآخرة. وانه لاول اصحابي إسلاماً ... وأكثرهم علماً ... وأعظمهم حلماً
لقد كانت خديجة (رض) مثال الإخلاص والوفاء ، فلم تبال عندما تنكرت لها قريش ، ولم تكترث لجفاء نساء مكة لها ، وهي السيدة الجليلة ذات المقام الرفيع كما قيل :
وجفتها نساء مكة لما
زوجت فيه في أشد الجفاء
وهي لا تنثني عن الحق صبرا
ودفاعاً عن خاتم الأنبياء
وقفت خديجة بجانب محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، تؤازره وتواسيه ، تتحمل المشاق ، وتستسيغ الهوان في سبيل الإسلام ، صابرة على شظف العيش وعلى الحصار والحرمان.
التعلیقات