أجر الإطعام (٤)
عباس ذهیبات
منذ 9 سنواتعن أبي حمزة الثّمالي رضياللهعنه أنّه سمع علي بن الحسين عليهماالسلام يقول لمولى له :
لا يعبر على بابي سائل إلا أطعمتموه ، فإن اليوم يوم الجمعة ، قال : فقلت له : ليس كل من يسأل مستحقاً ، فقال : يا ثابت ، أخاف أن يكون بعض من يسألنا مستحقاً فلا نطعمه ونردّه ، فينزل بنا أهل البيت ما نزل بيعقوب وآله ، أطعموهم ، إن يعقوب كان يذبح كل يوم كبشاً ، فيتصد منه ويأكل هو وعياله منه ، وإن سائلاً مؤمناً صواماً محقاً له عند الله منزلة وكان مجتازاً غريباً مر على باب يعقوب عشية جمعة عند أوان إفطاره يهتف على بابه ، اطعموا السائل المجتاز الغريب الجائع من فضل طعامكم ، يهتف بذلك على بابه مراراً وهم يسمعونه ، وقد جهلوا حقه ولم يصدّقوا قوله ، فلما يئس أن يطعموه ، وغشيه الليل استرجع واستعبر وشكا جوعه إلى الله عزّ وجل ، وبات طاوياً وأصبح صائماً جائعاً صابراً حامداً لله ، وبات يعقوب وآل يعقوب شباعاً بطاناً ، وأصبحوا وعندهم فضلة من طعام ، قال : فأوحى الله عزّ وجل إلى يعقوب : في صبيحة تلك الليلة : لقد أذللت يا يعقوب عبدي ذلة استجررت بها غضبي ، واستوجبت بها أدبي ، ونزول عقوبتي ، وبلواي عليك وعلى ولدك » (١).
وعن بعض أصحابنا قال : لما وضع علي بن الحسين عليهماالسلام على السّرير ليُغسل نظر إلى ظهره وعليه مثل ركب الإبل ممّا كان يحمل على ظهره إلى منازل الفقراء والمساكين (٢).
وكان أئمة أهل البيت : يحرصون على أداء صدقة السرّ ، فيحملون الأطعمة في الليالي المظلمة للناس ، ضاربين بذلك أروع أمثلة التكافل ، وكان الناس سرعان ما يكتشفون أن الرجال الذين يوزعون عليهم الأطعمة والمعونات في الخفاء هم أهل البيت :.. هيهات تكتم في الظلام مشاعل. فعلى سبيل الاستشهاد كان الإمام السجاد عليهالسلام يعول مائة بيت من فقراء المدينة ، وكان يعجبه أن يحضر طعامه اليتامى والأضرّاء والزمنى والمساكين الذين لا حيلة لهم ، وكان يناولهم بيده ، ومن كان له منهم عيال حمله إلى عياله من طعامه ، وكان لا يأكل طعاماً حتى يبدأ فيتصدق بمثله (٣).
******************
(١) علل الشرائع ١ : ٤٦ / ١ باب ٤١.
(٢) علل الشرائع ١ : ٢٣١ / ٦ باب ١٦٥.
(٣) الخصال / الصدوق : ٥١٨ / ٤ أبواب العشرين وما فوقه.
التعلیقات