الفترة بين وفاة الرسول الى وفاة الزهراء(صلوات الله عليهم)
موقع مدرسة الامام الحسين عليه السلام
منذ 8 سنواتبسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
(فترة بين وفاة الرسول الى وفاة الزهراء)
(صلوات الله عليهم)
كان أهل السُّنَّة في بغداد يدعون العلَّامة
الأميني لمأدبة العشاء، ولكنَّه كان يرفض ذلك وهم يصرُّون عليه، وأخيراً قبل العلامة ولكن شرط عليهم بأن يكتفى فقط بالعشاء ولا يجري أي بحث، فقبلوا ذلك.
بعد العشاء أراد أحد علماء أهل السنَّة أن يفتح باب البحث، وكان يوجد في المجلس 70 إلى 80 شخص.
فقال العلَّامة: كان شرطي أن لا يكون هناك أي بحث.
قالوا: إذن للتَّبرُّك وتنوُّر المجلس، كل شخص يذكر حديثاً، مع العلم أن كلَّ الحضور كانوا من "الحفاظ"، وحافظ الحديث يعني انه عالم متخصص في الحديث وعلومه، وفي المصطلح انه يحفظ مئة ألف حديث.
فذكر كلُّ شخصٍ منهم حديثاً، إلى أن وصل إلى العلَّامة الأميني، فقال: شرطي بقراءة الحديث هو أنَّكم جميعاً تؤكِّدون على صحَّة الحديث سنداً، فقبلوا ذلك جميعاً.
فقال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله: من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتةً جاهلية، ثمَّ سئل الحضور عن سند الحديث؟ فأكَّد الجميع على صحَّة السَّند.
ثم قال: بعد ما أكَّدتُّم على السَّند الصَّحيح أسئلكم: فاطمة الزَّهراء هل كانت تعرف إمام زمانها أم لا؟
إذا كانت تعرفه فمن كان؟
سكتوا لمدَّة عشرين دقيقة ونكَّسوا رؤسهم لأنَّهم ما كانوا يملكون جواباً.
تركوا المجلس واحداً تلو الآخر وهم يردِّدون: إذا قلنا لم تعرف إمام زمانها يعنى أنَّها ماتت كافرة، وحاشا أن تموت سيِّدة نساء العالمين كافرة، وإذا قلنا كانت تعرف، كيف نقول هو أبوبكر؟ في حال أنَّه جاء في البخاري أنَّها ماتت وهي ساخطةٌ على أبي بكر.
ولأنَّهم كانوا لا يملكون إلَّا تأييد ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام أُجبروا على ترك المجلس
لقد كانت الفترة ما بين وفاة الرسول (صلّى الله عليه وآله) إلى حين وفاة ابنته فاطمة الزهراء (عليها السّلام) منحنى خطيراً في تاريخ الاُمّة الإسلاميّة ترك بصمات واضحة لمَن ألقى السمع وهو شهيد .
وكان لفاطمة (عليها السّلام) الدور الرئيس في هذه الفترة, وفي مقابل ذلك لم يسكت أصحاب السقيفة مكتوفي الأيدي وهم يرون الزهراء (عليها السّلام) تفعل ما تفعل ؛ فكان لا بدّ لهم من محاولة إسكات هذه الصرخة؛ فجرت الأحداث ساخنة كما تذكرها كتب التاريخ والسير .
وبعد وفاة الرسول (صلّى الله عليه وآله) مباشرة حدث الاختلاف حول الخلافة ؛ البعض ينادي بخلافة علي وأهل البيت (عليهم السّلام), وآخرون يرون شرعية ما جرى في السقيفة من تولية لأبي بكر.
إنّ الأحداث بعد وفاة الرسول (صلّى الله عليه وآله) أخذت بعداً آخر, ولم تكن فدك فيها إلاّ حلقة من حلقات الصراع بين أصحاب السقيفة وأهل البيت (عليهم السّلام) المعارضين لها بقيادة علي وفاطمة (عليهما السّلام), وكان بيت فاطمة (عليها السّلام) هو ملتقى المعارضة.
يقول ابن قتيبة في تاريخه: إنّ أبا بكر تفقّد قوماً تخلّفوا عن بيعةٍ في دار علي وفاطمة (عليهما السّلام), فأبوا أن يخرجوا, فدعا عمر بالحطب يريد منهم أن يبايعوا بالإكراه والقوة, وقال : والذي نفس عمر بيده لتخرجنّ أو لأحرقّنها على مَن فيها .
فقيل له: يا أبا حفص, إنّ فيها فاطمة ! قال : وإنْ .
فوقفت فاطمة (رضي الله عنها) على بابها, فقالت: (( لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضراً منكم ! تركتم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) جنازة بين أيدينا وقطعتم أمركم بينكم؛ لم تستأمرونا ولم تردّوا لنا حقّنا ! ))(1) .
لقد كان لفاطمة (عليها السّلام) موقف واضح من الخلافة, حتّى إن بيتها كان عند جماعة السقيفة هو مركز المعارضة, حتّى قال عمر في روايته لما جرى في السقيفة بعد أن ذكر أنها فتنة ولكنّ الله وقى شرها المسلمين, يقول: وإنّ علياً والزبير ومن معهما تخلّفوا عنّا في بيت فاطمة(2) .
يقول ابن قتيبة في تاريخه: دخل أبو بكر وعمر على فاطمة (عليها السّلام), فلمّا قعدا عندها حوّلت وجهها إلى الحائط ... إلى أن يقول: فقالت: (( أرأيتكما إن حدّثتكما حديثاً عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) تعرفانه وتعملان به ؟ )) . قالا : نعم.
فقال : (( نشدتكما الله, ألم تسمعا رسول اله (صلّى الله عليه وآله) يقول: رضا فاطمة من رضاي , وسخط فاطمة من سخطي؛ فمن أحبَّ فاطمة ابنتي أحبّني, ومَن أرضاها فقد أرضاني, ومَن أسخطها فقد أسخطني ؟ )).
قالا: نعم, سمعنا من رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
قالت: (( فإني أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني, ولئن لقيت النبي (صلّى الله عليه وآله) لأشكونّكما إليه )).
ثمّ قالت: (( والله , لأدعون عليكما في كل صلاة اُصلّيها ))(3).
------------------------------
1ـ تاريخ الخلفاء 1 / 12 .
2 ـ الكامل في التاريخ ـ لابن الأثير 2 / 325 .
3 ـ الإمامة والسياسة (تاريخ الخلفاء) / 12 ـ 13 .
التعلیقات