قواعد السلوك والتعامل بين الزوجين
موقع نور فاطمة (ع)
منذ 8 سنواتحيث توجد مـجموعة من السلوكيات التي يُفترض أن يُطبقها الزوج والزوجة لتنجح علاقتهما وتدوم بإذن الله تعالى .
وسوف يترتب على تطبيق
هذه القواعد السلوكية ثلاثة أمور :
أولها - إبراء الذمة من هذه الناحية , وتـحقق طاعة الله تعالى بإمتثال الأمر الشرعي الـمتوجه لكل واحد من الزوجين , ولو بعنوانه العام (بإعتباره أحد الـمكلفين على أية حال ) .
يقول الله تعالى :
(وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ , فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ ) المائدة-92
(وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) الأنفال-46
ثانيها - تـحصيل الأجر والثواب ورضا الله تعالى , حيث يقول عزوجل :
(وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً ) النساء-124
(يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ) التوبة-21
ثالثها - حصول الـمقدمة اللازمة للتكامل والصلاح , سواء على الـمستوى الفردي أو النوعي ..
ونقصد بالـمستوى النوعي ما يشمل الأسرة بـمعناها الـخاص , وهم الزوجين وأولادهما , والأسرة بـمعناها العام , وهم الأقرباء والأرحام من كلا الطرفين , فإنهم يتأثرون سلباً أو إيـجاباً بواقع الطرفين (الزوج والزوجة ) .
بل الـمتأمل يلاحظ أن تطبيق السلوكيات والأخلاقيات الـمفترضة (بنـحو الوجوب أو الإستحباب ) , يؤثر تلقائياً بالـمجتمع عموماً , لأن كل فرد وكل أسرة جزء من أجزاء الـمجتمع , وركن من أركانه , فإذا صلح هذا الجزء أو تكامل هذا الركن , أمكن أن يؤدي ذلك الى صلاح جزء آخر أو تكامل ركن آخر , وهكذا يسري الصلاح والتكامل شيئاً فشيئاً ..
ولنتذكر معاً الحديث الوارد عن النبي (ص) : ( عليك بمحاسن الأخلاق فاركبها , وعليك بمساوي الأخلاق فاجتنبها ، فان لم تفعل فلا تلومن إلا نفسك ) .. نسأل الله تعالى التوفيق والتسديد .
وفيما يلي بيان أهم تلك القواعد والنصائح العامة للتعامل بين الزوجين :
1 - القناعة , بـمعنى أن تتوفر القناعة الـمناسبة عند الزوجين , بأن يقنع أحدهما بالآخر , وأن يقنع كلاهما بالوضع الذي هما فيه , وبالـحال الذي هما عليه , من دون أن ينشغلا بـمراقبة الآخرين والـمقارنة معهم ..
فإن الله تعالى يقول :
(وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) طه- 131
وفي الحديث عن الصادق (ع) : ( حُرم الحريص خصلتين، ولزمته خصلتان , حُرم القناعة فافـتقد الراحة , وحُرِمَ الرضا فافتقد اليقين).
وقد ورد في الـحكمة أن من راقب الناس مات هماً .
بينما نسمع في الحديث عن النبي(ص): (القـناعة مـلـك لايـزول ) , وفي حديث آخر عن أحد الأئمة (ع) : (ان الله جعل الروح والراحـة في اليقين والرضــا ) .
وفي الرواية ان الله عز وجل أوحى إلى موسى بن عمران (ع) : ( ما خلقت خلقاً أحب إلي من عبدي المؤمن ، فاني إنـما أبتليه لما هو خير له ، وأعافيه لما هو خير له ، وأزوي عنه ما هو شرّ لـه لما هو خير له ، وأنا اعلم بـما يصلح عليه عبدي ، فليصبر على بلائي , وليشكر نـعمائي , وليرض بقضائي .. أكتبه في الصديقين عندي اذا عمل برضائي وأطاع أمري ) .
نعم لابأس بالطموح الإيـجابي , وهو الذي لايتعارض مع الشريعة , ولايؤدي الى الوقوع في الـمشاكل والـمفاسد .
2 - الصبر , بـمعنى أن يصبر كل واحد من الزوجين على الآخر , فيتحمله ويتـحمل عنه , لأجل تـمشية الـحال وراحة البال ..
وقد قال الله تعالى :
(انـما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب) الزمر- 10
وفي الحديث عن الباقر (ع) : ( إني لأصبر من غلامي هذا ، ومن أهلي على ما هو أمـرّ من الحنظل ، انه من صبر نال بصبره درجة الصائم القائم ، ودرجة الشهيد الذي قد ضرب بسيفه قدام مـحمد (ص) ) .
كذلك وردت رواية أخرى عنهم (ع) : ( ثلاث من النساء يرفع الله عنهن عذاب القبر ، ويكون مـحشرهن مع فاطمة بنت محمد (ص)) , وذكر منهن ( امرأة صبرت على سوء خلق زوجها ) , ثم قال (ع) : (يعطي الله كل واحدة منهن ثواب ألف شهيد , ويكتب لكل واحد منهن عبادة سنة ) .
وينبغي الالتفات الى أن الصبر ضرورة على أية حال , حيث ورد عن المعصومين (ع) : ( ان تصبر تـغـتبط ، وإلا تصبر ينفذ الله مقاديره راضياً كنت أم كارهاً ) .
وفي الحديث عن الإمام علي (ع) : ( من لم يُنجه الصبر ، أهلكه الـجزع ) .
3 - وجود النية الـحسنة لدى الزوجين , بـمعنى أن كل واحد منهما ينوي الـخير للآخر , فما دامت النية منعقدة حقيقة على فعل الخير ، واجتناب الشر ، فإن كل واحد من الزوجين سيكون في استعداد وإلتفات ووعي للعمل بـمقتضى هذه النية , كما ان الثواب سوف يـملأ صحيفته , و سوف تزيـن الـحسنات كتابه , وان لم تتوفر له فرصة التطبيق ، ما دام غير مقصر ولا متهاون في ذلك ..
ففي رواية عن الكاظم (ع) مضمونها ان العبد اذا هـمّ بالحسنـة خـرج نفَسه طيب الريح ، فيقول احد الملكين لصاحبه قم , فانه قد هم بالحسنة ، فاذا فعلها كان لسانه قلمه وريقه مداده فأثبتها له .
ثم إنه ورد في الحديث عن النبي (ص) : ( ياأبا ذر ليكن لك في كل شيء نية , حتى في النوم والأكل ) .
وفي الحديث عن الصادق (ع) : عندما سُئل عن معنى العبادة فقال (ع) : (حسن النية بالطاعة , من الوجوه التي يطاع الله منها ) ..
وبذلك ندرك أن نية الخير عندئذ ستكون من مصاديق طاعة الله وعبادته عز وجل .
4 - السبــق أو التسابـــق إلى الـخيـــر و الصالـحــات , بـمعنى أن كل واحد من الزوجين يتسابق مع الآخر الى فعل ما يـحفظ العلاقة الزوجية ويديـمها , ويـحمي الأسرة و يـجعلها أكثر تـماسكاً وقوة , وليكن سباقهما وتسابقهما هذا قربة لله تعالى , ليكون أكثر بركة وأجراً , وأدوم أثراً وذكراً ..
حيث يقول الله تعالى:
( فاستبِقوا الـخيرات ) البقرة- 148
( السابقون السابقون ، اولئك المقربون في جنات النعيم ) الواقعة- 12
وفي الحديث عن الإمام علي (ع) ( ألا وان اليوم المضمار , وغداً السبـاق ، والسبقة الجنة ).
وفي الدعاء الـمروي عن الإمام علي(ع) : ( وهب لي الـجد في خشيتك ، والدوام في الاتصال بخدمتك ، حتى اسرح اليك في ميادين السابقين ، وأسرع اليك في المبادرين ) .
نعم قد يكون ذلك ثقيلاً على أغلب الأزواج , ولكن الـمفروض بالـمؤمن العاقل ان لايستثقل الـخير أبداً , فانه رصيده وكنزه ، وقد ورد في الحديث عن الباقر (ع) : ( ان الله ثقّل الخير على اهل الدنيا كثقله في موازينهم يوم القيامة ، وان الله خفف الشر على اهل الدنيا كخفته في موازينهم يوم القيامة ) .
5 - التعامــل مطلقاً مع الله تعالى , أي أن الزوج والزوجة يبنيان علاقتهما وسلوكهما فيما بينهما على أن يكون حبهما وتعاملهما لله وفي الله , فإنه أشد قوة وأعمق رابطة , وسيكون الله تعالى معهما , ومن كان مع الله كان الله معه ..
وفي الحديث عن النبي (ص): ( مَن أحب في الله وأبغض في الله , وأعطى في الله ومنع في الله فهو من أصفياء الله ) ..
وإذا كان العمل والتعامل لله تعالى , فلن يضيع شيء أبدا ً, وإن لم يقدره الآخرون , حيث يقول الله تعالى :
(وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى, وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى, ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى , وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى) النجم (39-42)
6 - التعامل بعقلانية ووعي , فإن أغلب الـمشاكل والنزاعات التي تـحصل بين الزوجين , إنـما تـحصل بسبب التصرفات الإرتـجالية والعاطفية التي تصدر بدون وعي وإلتفات , وبدون تفكر وتعقل ..
بينما نسمع في الحديث عن الإمام الكاظم (ع) : ان الله تبارك وتعالى بشّر اهـل العقــل والفهم في كتابه ، فقال : ( فَبَشِّرْ عِبَادِ ، الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ، أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ، وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ) الزمر (17-18) .
وفي الحديث عن الإمام الصادق (ع) : ( من كان عاقلاً كان له ديـن ، ومن كان له دين دخل الجنة ) .
وعن الإمام الصادق (ع) : ( انا لنحب من كان عاقلاً فهماً فقيهاً حليماً مدارياً صبوراً صدوقاً وفياً ) .
وفي الحديث أيضاً : ( أكمل الناس عقلاً أحسنهم خلقاً ) .
7 - تدبــّر عواقب الأمــور قبل الـخوض فيها , فإنه أمر مهم لبناء حـياة زوجـية ناجـحة و مستـقرة , وهو مسئولية الزوج والزوجة على حد سواء , فالـمفروض بهما الـحذر والحيطة قدر الإمكان ، والتصرف بـحكمة ، بعد التأمل وفهم الأمور بوعي وموضوعية , لأن اغلب مشاكل الـمجتمعات الإنسانية عموماً ، ومشاكل الأفراد خصوصاً انما ترجع إلى الاستعجال وعدم تدبر العواقب قبل التصرفات .
ففي الحديث عن النبي (ص) : ( اذا هممت بأمر فتدبر عاقبته ، فان يك رشداً فأمضه ، وان يك غياً فإنتـه عنه ) .
وفي الـحديث عن الإمام علي (ع) : ( من تورط في الأمور غير ناظر إلى العواقب , فقـد تعرض لـمفظعات النوائب .. والتدبير قبل العمل يؤمنك من الندم ، والعاقل من وعظه التجارب ) .
8 - قبـــول النصيحــة , فإنه ضروري لتكامل ودوام العلاقة بين الزوجين , إذا كانت النصيحة والـمشورة من الـمؤمن الواعي الـمخلص ..
ففي الـحديث عن الإمام الباقر (ع) : ( اتبع من يبكيك وهو لك ناصــح ، ولا تتبع من يضحكك وهو لك غاش ) .
وعن الإمام الصادق (ع) ما مضمونه ان المؤمن يحتاج إلى ثلاث خصال : توفيق من الله عزوجل ، وواعظ من نفسه ، وقبول ممن ينصحه .
وقد قال الله تعالى :
(فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ , أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُـمُ اللَّهُ , وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ) الزمر(17-18).
و ذم أولئـك الذين لا يستمعــــون النصائــح , أو لا يأخذون بها ، فقال عزوجل :
( إِن تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ , وَلَوْ سَمِعُــوا مَا اسْتَجَابُــوا لَكُمْ ) فاطر- 14
9 - الإلتفات الى العيوب الشخصية , ومـحاولة إصلاحها وتهذيبها والتـخلص منها ولو بالـمقدار الـممكن , فإنه ينفع جداً في دفع ورفع مشاكل كثيرة تـحصل غالباً بين الزوجين .
حيث ورد عن الـمعصومين (ع) : ( أيها الناس تولوا من أنفسكم تأديبها , واعدلـوا بــها عن ضراوة عاداتها ) .
ولايـخفى أن إلتفات الإنسان الى عيوبه وإعترافه بأخطائه ومـحاولة إصلاحها , يـحتاج أولاً الى تواضع حـقيقي , و (إن أقرب الناس من الله الـمتواضعون) كما ورد في الحديث عن الصادق (ع) ..
ويحتاج ثانياً الى شجاعة فعلية , ولذلك سمّاه النبي (ص) بالـجهاد الأكبر ..
ويـحتاج ثالثاً الى إرادة للتغيير والتكامل , وقد قال الله تعالى : (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) الرعد- 11
ثم إن الله تعالى يقول :
( وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ) الحج- 78
ومن مصاديق هذا الـجهاد جهاد الزوج والزوجـة لأجل إنـجاح وإدامة هذه الرابطة الـمقدسة (رابطة الزواج) , حيث ورد عن الـمعصومين (ع) أنه توجد درجة لاينالها الا ذو عيال صبور , كما ورد ان (جهاد المرأة في حسن التبعل ) ..
وهكذا فان لكل واحد من الزوجين مسئولياته الواجبة أو المستحبة (ولو بالعنوان الثانوي), التي ينبغي أن يُجاهد فيها بالـمقدار الـممكن.
10 - إيـثــار الـمصلحة العامة على الـمصلحة الشخصية , بـمعنى أنه يُفترض بالزوج والزوجة أن يُرجحا ويُقدّما مصلحتهما العامة كأسرة على الـمصالح الشخصية لكل واحد منهما , فإن ذلك من مصاديق الإيثار الذي هو من أرقى مـحاسن الأخلاق ..
وهنا قد يقول البعض بان هذه الصفة صعبة جداً ، وقد لا يفعلها إلاّ مـا نــدر ، ونحن نقول لهم : هذا صحيح ، ولكن لنتذكر ان الصفات العالية تكون عادة كبيرة وثقيلة إلا على العظماء ..
وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم
ولذلك ينبغي ان لانحزن ولا ننـزعج اذا قوبل إيثارنا وتضحيتنا بالتجاهل والنكران من قبل الآخرين , لان المفروض ان عملنا انـما هو لأجـل الـمصلحة العامة وقربة لله تعالى ..
وقد ورد في الحديث عن النبي(ص) : ( اصنع المعروف إلى من هو أهله ، والى من ليس بأهله ، فان أصبتَ أهله فقد أصبت أهله ، وان لم تُصب أهله فأنت من أهله ) ..
وفي الـحقيقة فان التضحية والإيثار يـمكن ان يكونا حلاً وعلاجاً لأغلب الـمشاكل الزوجية , رغم انها قد تكون مستعصية بحسب المتعارف , وسيأتي بيان ذلك في مـحله .
11 - الإستـقـامـــة والعفة , وهذا أمر واضح , وهو تكليف عام على أية حال , حيث يقول الله تعالى :
( فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ ) هود- 112
( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا , تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ , أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ) فصلت- 30
12 - العدالــة والإنصاف , بـمعنى ان كل واحد من الزوجين يكون عادلاً ومنصفاً مع الآخر , حيث يقول الله تعالى :
( إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ ) النحل- 90
وفي نهج البلاغة عن الإمام علي (ع) في قول الله تعالى (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحسان) , العدل : الإنصاف .
وقال عزوجل أيضاً :
( وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ , اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)
المائدة- 8
وفي الحديث عن أمير المؤمنين (ع) : ( أنصف الله ، وأنصف الناس ، من نفسك ومن خاصة أهلك ، ومن لك هوى فيه من رعيتك ، فانك إلا تفعل تظلم ، ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده ) .
13 - الـحـِــلـم وكظم الغيظ , فإنه أحسن دواء وأفضل علاج لأغلب الـمشاكل الزوجـية , وهو لقاح ووقاية يـحمي الأسرة ويـحفظها ..
وفي الحديث عن الصادق (ع) : ( ان لم تكن حليماً فتحلّم ) .
وقد ذكروا ان الـحليم هو الذي لا يعاجل بالعقوبة ، ولا يستفــزه الغضب .
يقول الله تعالى :
( وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ) الشورى- 37
وفي حديث آخر عن الصادق (ع) : ( ما من عبد كظم غيظاً إلا زاده الله عزوجل عــزاً في الدنيا والآخرة ، وقد قال الله عزوجل : (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) وأثابه الله مكان غيظه ذلك ).
وكذلك ورد عنه (ع) : ( ما من جرعة يتجرعها العبد أحب إلى الله عزوجل من جرعة غيظ يتجرعها عند ترددها في قلبه ، إما بصبر وإما بـحلم).
وعن الصادق (ع) : ( من كظم غيظاً ولو شاء ان يمضيه أمضاه ، ملأ الله قلبه يوم القيامة رضاه ) .
وعنه (ع) أيضاً : ( من لم يـملك غضبه لم يـملك عقله ) .
14 - العفـــو والتسامح , فإنه من مقومات الـحياة الزوجـية , به تدوم وتستمر , وبه تـتـقوم وتتكامل , وبه يُنال الأجر العظيم ..
حيث يقول الله تعالى :
( وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ، أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ) النور- 22.
( فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) المائدة- 13.
( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ) الشورى- 40
وفي الحديث عن النبي (ص) ان من خير أخلاق الدنيا والآخرة , العفو عمن ظلمك ) .
وفي ميزان الحكمة عن الإمام علي (ع) : ( لا تكثرن العتاب فانه يورث الضغينة , ويدعو إلى البغضاء ) , وكذلك ورد عنه (ع) احتمل أخاك على ما فيه , ولا تكثر العتاب فانه يورث الضغينة ) .
بل ورد في الحديث عن المعصومين (ع) : ( عاتب أخاك بالإحسان إليه ، واردد شره بالإنعام عليه ) ..
أي قابل إساءة الـمقابل بالإحسان إليه , وإدفع تعديه عليك بالتفضل عليه , فإن هذا غاية النبل والشرف ..
وقد قال الله تعالى :
( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ) المؤمنون- 96
( وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ، ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ , فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ، وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا , وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) فصلت(34-35) .
وقد مدح الله تعالى أولي الألباب ووصفهم بأنهم :
( وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ ) الرعد- 22
وفي الحديث عن النبي (ص) : ( ان من خير أخلاق الدنيا والآخرة ، الإحسان إلى من أساء إليك ) .
15 - إجتناب الـخصام والتباعد بين الزوجين مهما حصل بينهما, فإنهما ( أي الـخصام والتباعد ) يثيران الضغائن ويعـمّقان الـخلافات والـمشاكل ..
ففي الـحديث عن الصادق (ع) : ( إياكم والـخصومة , فانها تشغل القلب , وتورث النفاق , وتكسب الضغاين ) .
وفي رواية عن النبي (ص) انه نهى عن الهجران , فمن كان ولابد فاعلاً فلا يهجر أخاه أكثر من ثلاثة أيام ، فمن كان مهاجراً (هاجراً) لأخيه أكثر من ذلك كانت النار أولى له .
وفي رواية أخرى عنه (ص) أيضاً : ( فأيهما سبق إلى كلام أخيه , كان السابق إلى الجنة يوم الحساب ) .
وعن الباقر (ع) ( ما من مؤمنين إهتجرا فوق ثلاثة , إلا وبرئت منهما في الثالثة ، قيل : هذا حال الظالم فما بال المظلوم ؟ فقال : ما بال الـمظلوم لايصير إلى الظالم , فيقول أنا الظالم حتى يصطلحا ) .
ولايـخفى أن الزوج والزوجة أولى بهذا الـحكم فيما بينهما , لأن علاقتهما أعظم عند الله تعالى , حيث ورد عن النبي مـحمد (ص) : (أنه ما بُني بناء في الأسلام أحب الى الله تعالى من التزويج ) .
16 - الرفــق , بـمعنى أن كل واحد من الزوجين يعامل الآخر بالرفق واللين , حيث ورد في الـحديث عن الـمعصومين (ع) : ( اذا أحب الله أهل بيت أدخل عليهم الرفق ) .
وقد روي عن النبي (ص) خير الرجال من أمتي الذين لا يتـطاولون على أهليهم , ويـحنّون عليهم ولا يظلمونهم ) .
وفي الحديث المشهور : ( رفقاً بالقوارير ) أي بالنساء .
وفي الـحديث عن النبي (ص) : ( أيـما امرأة لم ترفق بزوجها , وحَملته على ما لا يقدر عليه وما لايطيق , لم يقبل الله منها حسنة ، وتلقى الله وهو عليها غضبان ) .
وعن الصادق (ع) ان النبي (ص) قال: ( ما اصطحب اثنان إلا كان أعظمهما أجراً وأحبهما إلى الله : أرفقهما بصاحبه ) .
وفي الـحقيقة فإن الـمفروض بكل واحد من الزوجين أن يرحــم الآخـر ، ويشفق عليه ، ويعطــف عليه ، ويرأف به ، بـمقدار ما يمكنه ، تـماماً مثلما يريد هو ويتمنى من الآخـر ان يعامله به ..
وعن الصادق (ع) : ( تواصلوا وتباروا وتراحموا وتعاطـفوا ) .
وبذلك كله تتـحقق الرحـمة التي هي مفتاح الـخير والبركات الـمادية والـمعنوية , وهي من أبواب الـجنة ورضوان الله تعالى .
وفي الـحديث عن النبي (ص) : ( ان الله عز وجل رحـيم , يـحب كل رحيم ) .
17 - حسن الـخـُــلـق والـمداراة , أي أن كل واحد من الزوجين يـحاول قدر إمكانه أن يداري الآخـر , ويُحسن خُلقه معه , مهما كانت الظروف والأحوال , ليصفو العيش وتدوم العلاقـة وتُـدرأ الفـتـنة بإذن الله عز وجل ..
ففي الـحديث عن الإمام علي (ع) : ( لا خير فيمن لا يعاشر بالمعروف من لابد من معاشرته ) .
وعن الصادق (ع) : ( انه لابد لكم من الناس ، ان أحداً لا يستغني عن الناس حياته ، والناس لابد لبعضهم من بعض ) .
وعن الإمام علي (ع) : ( وأحسن إلى جميع الناس كما تـحب ان يًحسن إليك ، وإرض لهم ما ترضاه لنفسك ، واستقبح لهم ما تستقبحـه من غيرك ، وحسِّـن مع الناس خـلقك , حتى اذا غـبتَ عنهم حـنوا إليك ) .
وقد قيل للإمام الصادق(ع): ما حد حسن الـخلق؟ , فقال (ع): تلين جناحك ، وتطيب كلامك ، وتلقى أخاك ببشرٍ حسن ) .
وعن الباقر (ع) : ( الـخلق عيال الله ، فأحبهم إليه أحسنهم صنيعـاً إلى عياله) ..
وهو ينطبق على الزوج والزوجة على حد سواء ..
وورد عن النبي (ص: ( امرني ربي بمداراة الناس كما أمرني بأداء الفرائض ) ..
ولايـخفى أن مداراة الزوجين لبعضهما أولى وأعظم مطلوبية .
ثم إن حسن الـخلق والـمداراة طريق أكيد الى الـجنة , حيث ورد عن النبي (ص) : ( عليكم بـحسن الـخلق ، فان حسن الـخلق في الجنــــة لا مـحالة ) .
ومن مصاديق حسن الـخلق والـمداراة : طلاقة الوجه وحسن البشر وحسن العِشرة , فإنها صفات تؤدي الى الصفاء والـمودة ..
حيث ورد عن النبي (ص) : ( حسن البشر يذهب بالسخيمة (أي الـحقد ) .
وعن الإمام علي (ع) : ( البشاشة حبّـالة الـمودة ) .
وعن السجاد (ع) : ( البشر الـحسن وطلاقة الوجه مكسبة للمحبة ، وقربة من الله تعالى .. وعبوس الوجــه وسوء البــشر مكسبة للمقت والبعــد من الله ) .
ومن مصاديق حسن الـخلق والـمداراة : السهولة وعدم العسر والغلظة ..
ففي الـحديث في وصف سيرة النبي (ص) في جلسائه : ( كان دائم البشر ، سهل الـخلـق ، لين الـجانب ، ليس بفظ ولا غليظ ) .
وورد عن النبي (ص) : ( المؤمن هيّن لين سمح ، له خلق حسن ) .
وورد أيضاً عنهم (ع) : ( شر الأخـوان من تُكـلـف لـه ) .
وعن الصادق (ع) : ( المؤمن حسن الـمعونة ، خفيف الـمؤونة ) .
وقد ورد عن النبي (ص) : ( خيـر المــؤمنين من كان مألفــة للمؤمنين ، ولا خيــر فيمـــن لا يألف ولا يؤلف ) .
18 - الإحترام الـمتبادل بين الزوجين , بـمعنى أن كل واحد منهما يتعامل مع الآخر على اساس الإحترام والتقدير الـمناسب ..
ففي الـحديث عن الإمام الباقر (ع) : ( عظموا أصحابكم ووقّروهم , ولا يتهجم بعضكم على بعض ) .
وعن الصادق (ع) : ( من أكرم مؤمناً فبكرامة الله بدأ ) .
وهذا يشمل الزوج والزوجة بطريق أولى .
19 - الإحسان و صُنع الـمعروف (أي الـخيــر ) , بأن يُحسن كل واحد من الزوجين الى الآخر , ويصنع الـخير والـمعروف معه , سواء قابله الآخر بالـمثل أم لا ..
حيث يقول الله تعالى :
( إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأنفُسِكُمْ ) الإسراء- 7
( وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) البقرة- 195
وفي الحديث عن النبي (ص) : ( رأس العقل بعد الإيـمان , التودد إلى الناس واصطناع الـخير إلى كل بر وفاجر ) .
وورد عنه (ص) : ( اصنعوا المعروف (الـخير) إلى من هو أهلـه ، وإلى من ليس من أهله ، فان لم تصب من هو أهله ، فأنت أهله ) .
وعن الصادق (ع) : ( إصنع المعروف إلى من هو أهله ، وإلى من ليس من أهله ، فان لم يكن هو أهله , فكن أنت من أهله ) .
وعن الإمام علي (ع) : ( لا يزهـدنك في الـمعروف من لا يشكـرك عليه ) .
ومن الإحسان والـمعروف : إدخال الزوج السرور على زوجته , وإدخال الزوجة السرور على زوجها ..
ففي الحديث عن النبي (ص) : ( من سر مؤمناً فقد سرني ، ومن سّرني فقد سر الله ) .
وعن النبي (ص) أيضاً : ( الـخلق عيال الله ، فأحب الـخلق إلى الله من نفع عيال الله ، وأدخل على أهل بيته سروراً ) .
مع الإلتفات الى أن إدخال السرور له صور ومصاديق كثيرة جداً ومتعددة , وبعضها سهل ويسير , من قبيل الإبتسامة والكلمة الطيبة ونظرة الـمودة أو العطف , أو غير ذلك .
20 - إجتناب الظـلـم والتعدي مطلقاً , بـمعنى أن يـحرص الزوجان على عدم تعدي أحدهما على الآخر , لا بقول ولا بفعل , ولا حتى بإشارة , وأن لايظلم أحدهما الآخر بأي وجه من وجوه الظلم , سواء كانت مادية أو معنوية .
حيث يقول الله تعالى :
( وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ ) البقرة- 190
( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ) الشعراء- 227
( وَإِنَّ كَثِيراً مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ , وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ) ص- 24
وقد ورد عن الإمام علي (ع) لاتظلم , كما تـحب ان لا تُظلم ) ..
وعنه (ع) أيضاً : ( بئس الزاد الى المعاد العدوان على العباد , ويوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم ).
وعن الصادق (ع) : ( إياكم أن يبغي بعضكم على بعض ، فانها ليست من خصال الصالحين ، فانه من بغى صيّر الله بغيه على نفسه ، وصارت نصرة الله لمن بغى عليه ، ومن نصره الله غلب وأصاب الظفر من الله ) .
وعنه (ع) أيضاً : ( من آذى مؤمناً ، فقد آذى الله عزوجل في عرشه ، والله ينتقم ممن ظلمه ) ..
التعلیقات