تحليل رسوم الأطفال

إن عالم الأطفال بحد ذاته عالم شاسع من الغموض والألغاز والمتناقضات ، ولفهم هذا العالم يلزم علم قائم على التجربة والإستبصار ، ومن أحد

تلك العلوم في فهم عالم الطفولة هو تحليل رسومات الأطفال التي يرسمونها والتي تعبر عما يجول وراء أفكارهم وتصرفاتهم وما تعنيه . إن هناك ارتباطا كبيرا وعلاقة واضحة جلية ما بين الخطوط والرسومات والدوائر والقلوب والشجر والبقر والخطوط الطولية والمتوازية والدائرية والعرضية والخرابيش بشكل عام . ويغلب على تلك الرسوم كما هو ملاحظ دائما طابع التلقائية والعفوية والعبثية والعشوائية دائما .

 

 العلاقة ما بين الشخصيات والرسوم التي ترسمها هذه الشخصيات

إن العلماء جمعا قد عرّفوا تحليل الشخصيات من خلال الخط بما يسمى حاليا بعلم الجرافولوجي Graphology، وهو ذلك العلم الذي يعني علم الشكل أو الرسم، ونجده كذلك يعني قراءة علمية متخصصة للجهاز العصبي والنفسي والحركي على الورق أو على أي مكان من خلال تلك الخرابيش والوجوه والتواقيع والأشكال والرسومات المختلفة . ومن هذا المبدأ يطلق على هذا الشخص الخبير والذي من مهامه أن يقوم بقراءة هذه الأشكال والرسومات والهراءات والوجوه من المتمرسين والمختصين والخبراء سم غرافولوجست Graphologist، أي بمعنى الخبير في تحليل الوجوه والأشكال والرسوم. وقد عرّف معظم علماء النفس كلهم بأن الشخصية – الشخصية البشرية- هي مجموع ما لدى الفرد من إستكانات وإستعدادات ودوافع وروافع ومبررات ونزعات وأيضا شهوات متعددة وغرائز فطرية إعتيادية وبيولوجية، وكذلك عرفته وأعطته معنى بما لديه من نزعات وبينات وإستعدادات نجدها لديه مكتسبة، وهناك أيضا تعريفات وتحليلات أخرى كثيرة لا تعد ولا تحصى للشخصية. وقد ذكر العالم الكبير الفذ المشهور العملاق سيجموند فرويد أن الفن،والرسم بعد الأحلام، هو الدرب والطريق المعترف به إلى الأعماق – أعماق تلك النفس البشرية – المعقدة جدا ، ومن هنا جاء إختبار العالم المشهور العظيم روشاك لبقع الحبر التي نراها على الورق ، وكذلك إختبار العالم المدهش جون باك في رسم الوجه والحديقة والسماء والمنزل والشجرة والمكتبة والشخص. إن الهدف كما ترون من ذلك كله هو إمداد ورفد الإختصاصي والخبير النفسي ببيانات ومعلومات وافرة عن الشخص الخاضع للفحص هنا ، وكذلك تفيد من الناحية التشخيصية والمعرفية والتحليلية والتنبؤية عن الشخصية الكلية له وتفاعل تلك الشخصية الغامضة مع بيئتها المحيطة بها من النواحي العامة والخاصة.

 حديث عام ومكثف عن العوامل الإنفعالية والعضوية بهذا الإختصاص :

نجد أنه يمكننا الخروج بدلالات وبينات واضحة عن تأثر القدرة العقلية بالعوامل الإنفعالية أو العضوية أو كلتيهما معا ، ومن ثم بعد ذ لك تحديد النمط العقلي والنفسي السائد، وهل هو ذهاني أم عصابي، أم أنه وأشك بهذا سوي لدى الشخص المعني . أما أهم الواجبات والفروض والتعليمات الأساسية لإختبار النظرية الإسقاطية هذه محور حديثنا هنا في الرسم فهي تتلخص كالآتي:

أولا – إن الجانب الذي نلمسه من جوانب السلوك البشري له سببه ودلالته وأهدافه ، فان السلوك عموما لا يحدث خبط عشواء أو جزافا، فلكل إنسان فينا رسم تاريخه الذي نشأ عنه وسيرته التي شب عليها .

 ثانيا – ونجد أيضا إن سلوك المفحوص لدينا في المختبر أثناء الرسم، يتضمن دلالاته وتعليقاته وتلميحاته اللفظية التلقائية أثناء سؤاله عما رسم، وإيماءاته وتعبيراته التي تظهر على وجهه وطريقة تناوله الورق والكتاب والقلم وحركات وإنفعالات وإختلاجات الجسم، وهذا السلوك يمثل ويعتبر إستجابة المفحوص الإنفعالية للعلاقات والممارسات وكذلك للمواقف والحاجات والإلتزامات والضغوط التي شعر ويشعر بها، سواء كان برسمه أو بصورة مباشرة أو رمزية أو غامضة تلك التي يوحي إليها إلينا من خلال رسمه.

 ومن الجدير بالذكر أنه قد استخدم العالمان باك وماكوفر الشهيران أسلوب توجيه الأسئلة بعد الرسم لهذا المفحوص المريض لفهم مشاعره ونزعاته واتجاهاته.

ثالثا- سنلاحظ أن الرسم والألوان وغيرها هما إسقاط إنعكاسي لمفهوم الذات العليا لدى المفحوص، أو لصورة الجسم، أو هي إتجاهاته المألوفة نحو شخص آخرأو جماعة ما ، أو هي كذلك تعبير واضح نحو الحياة والمجتمع الإنساني المحيط .

 رابعا- وسنرى أيضا أن عملية الإسقاط تتعرض للتحريف أيضا بالقدر الذي يكون فيه الإسقاط هنا وظيفة دفاعية وبالقدر الذي تطفو فيه على السطح كثرة وتعدد الجزئيات والسطحيات في الرسم المعني على سبيل المثال الوسواس القهري المعروف من دون أن يقابلها فعليا في عالم الواقع الموجود و المتاح .

رابط الموضوع