دخول السيده زينب عليها السلام الشام
موقع نور فاطمة (ع)
منذ 8 سنوات
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم وفرج عنا بهم فرجاً عاجلاً قريبا كلمح
البصر ،،
في مثل هذا اليوم الأول من شهر صفر وصل موكب الحزن والأسى إلى دمشق : عاصمة الأمويين ، ومركز قيادتهم ، وبؤرة الحقد والعداء ، ومسكن الأعداء الألداء .وقد إتخذ يزيد التدابير اللازمة لصرف الأفكار والأنظار عن الواقع والحقيقة ، محاولا بذلك تغطية الأمور وتمويه الحقائق، فأمر بتزيين البلدة بأنواع الزينة، ثم الإعلان في الناس عن وصول قافلة أسارى وسبايا ، خرج رجالهم من الدين فقضى
عليهم يزيد وقتلهم وسبى نساءهم ليعتبر الناس بهم ويعرفوا مصير كل من يتمرد على حكم يزيد !
ومن الواضح أن الدعاية والإعلام لها دورها في تمويه الحقائق ، وخاصة على السذج
والعوام من الناس .
وهنا نذكر قصة سهل بن سعد الساعدي عندما قال :
«خرجت إلى بيت المقدس ، حتى توسطت الشام ، فإذا أنا بمدينة مطردة الأنهار ، كثيرة الأشجار
قد علقوا الستور والحجب والديباج ، وهم فرحون مستبشرون ، وعندهم نساء يلعبن بالدفوف والطبول .
فقلت ـ في نفسي ـ :
لا نرى لأهل الشام عيداً لا نعرفه نحن. فرأيت قوماً يتحدثون
فقلت : يا قوم لكم بالشام عيد لا نعرفه نحن ؟ !
قالوا : يا شيخ نراك أعرابياً غريباً !
فقلت : أنا سهل بن سعد ، قد رأيت محمداً (صلى الله عليه وآله) .
قالوا : يا سهل ، ما أعجبك السماء لا تمطر دماً ، والأرض لا تنخسف بأهلها !
قلت : ولم ذاك ؟
قالوا : هذا رأس الحسين عترة محمد يهدى من أرض العراق !
فقلت : واعجباه . . يهدى رأس الحسين والناس يفرحون ؟ !
ثم قلت : من أي باب يدخل ؟
فأشاروا إلى باب يقال له : «باب الساعات» .
فبينا أنا كذلك إذ رأيت الرايات يتلو بعضها بعضاً ، فإذا نحن بفارس بيده لواء منزوع السنان
عليه رأس من أشبه الناس وجهاً برسول الله (صلى الله عليه وآله) .
فإذا أنا من ورائه رأيت نسوةً على جمال بغير وطاء ، فدنوت من أولاهن
فقلت : يا جارية : من أنت ؟
فقالت : أنا سكينة بنت الحسين .
فقلت لها : الك حاجة إلي ؟ فأنا سهل بن سعد ممن رأى جدك وسمعت حديثه ..
قالت : يا سهل : قل لصاحب هذا الرأس أن يقدم الرأس أمامنا ، حتى يشتغل الناس
بالنظر إليه ولا ينظروا إلى حرم رسول الله .
قال سهل : فدنوت من صاحب الرأس فقلت له :
هل لك أن تقضي حاجتي وتأخذ مني أربعمائة ديناراً ؟
قال : ما هي ؟
قلت : تقدم الرأس أمام الحرم .
ففعل ذلك .
فدفعت إليه ما وعدته . . . .» .
ولما أدخلوهن دمشق طافوا بهن في الشوارع المؤدية إلى قصر الطاغية يزيد ، ومعهن
الرؤوس على الرماح ، ثم جاؤا بهن حتى أوقفوهن على دكة كبيرة كانت أمام باب المسجد
الجامع ، حيث كانوا يوقفون سبايا الكفار على تلك الدكة ويعرضونهم للبيع ، ليتفرج عليهم
المصلون لدى دخولهم إلى المسجد وخروجهم منه ، وبذلك يختاروا من يريدونه للإستخدام
ويشتروه .
نعم ، إن الذين كانوا يعتبرون أنفسهم مسلمين ، ومن أمة محمد رسول الله . .
أوقفوا آل الرسول على تلك الدكة .
يا للأسف ! يا للمأساة ! يا للفاجعة ! يا للمصيبة !
وجاء شيخ ودنى من نساء الحسين (عليه السلام) وقال :
(الحمد لله الذي قتلكم وأهلككم ، وأراح البلاد من رجالكم ، وأمكن أمير المؤمنين منكم) .
فقال له علي بن الحسين (عليه السلام) : «يا شيخ : هل قرأت القرآن» ؟
قال : نعم .
قال : فهل عرفت هذه الآية : «قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى» ؟
قال الشيخ : قد قرأت ذلك .
فقال له الإمام : «نحن القربى يا شيخ ، فهل قـرأت : «وآت ذا القـربى حقـه» ؟
فقال الشيخ : قد قرأت ذلك ..
فقال الإمام : «فنحن القربى يا شيخ ، فهل قرأت هذه الآية
«واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسة وللرسول ولذي القربى»» ؟
قال : نعم .
فقال الإمام : «فنحن القربى يا شيخ ، وهل قرأت هذه الآية :
«إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً» » .
قال الشيخ : قد قرأت ذلك .
فقال الإمام : «نحن أهل البيت الذين خصنا الله بآية الطهارة يا شيخ» .
قال الراوي : بقي الشيخ ساكتاً نادماً على ما تكلم به ، وقال ـ متعجباً ـ : تالله إنكم هم ؟ !
فقال علي بن الحسين :
«تالله إنا لنحن هم . . من غير شك ، وحق جدنا رسول الله إنا لنحن هم» .
فبكى الشيخ ورمى عمامته ، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال :
اللهم إني أبرأ إليك من عدو آل محمد ، من الجن والإنس .
ثم قال : هل لي من توبة ؟
فقال له الإمام : «نعم ، إن تبت تاب الله عليك ، وأنت معنا» .
فقال الشيخ : أنا تائب .
فبلغ يزيد بن معاوية حديث الشيخ ، فأمر به فقتل .
التعلیقات