أهمية التربية في الاسلام
موقع الوارث
منذ 8 سنوات
من الثابت علمياً ان الانسان يولد صفحة بيضاء خالية من أي اتجاه أو تشكل للذات
وإنما يحمل الاستعداد لتلقي العلوم والمعارف وتكوين الشخصية والتشكل وفق خط سلوكي معين.لذا نجد القرآن الكريم يخاطب الانسان بهذه الحقيقة،ويذكِّره بنعمة العلم والتعليم والهداية.
قال تعالي (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون).(النحل/78)
ويترجم الامام علي (عليه السلام) هذه الحقيقة العلمية فيقول: (وإنّما قلب الحدث كالأرض الخالية، ما ألقي فيها من شيء قبلته)
اذن وفقا للآية الكريمة نجد أن يبدأ الإنسان من ولادته بالتعرف على الدنيا من حوله من خلال الحواس الخمسة التي ولد بها فيبدأ بحاسة الإبصار واللمس ومن ثم السمع وأخيرا التذوق ومنها التعرف على والديه من حوله ،ثم يزداد فطنة فيدرك بواسطة حواسه الامور الضرورية ، ثم إذا استكمل نموه يبدأ بربط الإحساس بالتفكير والإدراك الحقيقي للأمور وعلى هذا الفهم، وتلك الاسس العلمية لتلقي المعرفة وتكُّون الشخصية تبني النظرية التربوية في الإسلام ،ويبدأ تكليف الابوين في اعداد الطفل وتربيته وتعليمه.
والتربية في مراحلها الاولى هي تمرين وتدريب سلوكي عملي يتلقاه الطفل عن طريق الحس من أبويه فيكتسب منهما السلوك والأخلاق والعادات وطريقة التعامل. لذا فان السلوك العائلي ،ومحيط الاسرة الثقافي يؤثران تأثيراً بالغاً في تكوين الشخصية واتجاهها المستقبلي.
أما التعليم فهو تلقي العلوم والمعارف لتكوين عقلية الانسان وطريقة تفكيره وثقافته ،وتشكيل صبغة الهوية الفكرية لشخصيته ; لذا جاء في الحديث الشريف : (ما من مولود يولد إلا على هذه الفطرة ،فأبواه يهودانه وينصرانه).
ولأهمية التربية في بناء الشخصية والسلامة النفسية من العقد والانحرافات وأثرها في سعادة الانسان وشقائه في مستقبل حياته وآخرته، ودورها الفاعل في حضارة المجتمع وتقدمه العلمي والتنموي وقد اكّد الاسلام الاهتمام بالتربية وتوجيه الطفل والعناية الفائقة به لا سيّما في سنواته الاولى. فالتربية تؤثر على أمن المجتمع، وصحته ونظافة بيئته، وإنتاجه الإقتصادي، واستقراره السياسي وتقدمه العلمي والحضاري.
فالطفل الذي ينشأ كسولاً مهملاً، لا يمكن أن يكون إنساناً منتجاً يعرف كيف يوظف وقته وطاقته، ويطوِّر انتاجه وقدراته، أو يواصل تحصيله العلمي . ويمكن قياس ذلك على الكثير من الاتجاهات الأخرى في مجال حياته الخاصة والاجتماعية والدينية والولاء الوطني فقد أثبتت التجارب والإحصائيات العلمية التي أجراها الباحثون أثر التربية في تكوين الفرد والمجتمع فجاءت متطابقة مع تشخيص الرسالة الاسلامية ومقرراتها العلمية في التربية
وتقول معظم الدراسات التي اجريت في العالمين العربي والغربي بان سني الطفولة الاولى هي سني تكوين الشخصية الانسانية وتنمية المواهب الفردية. فالولد يكتسب من احتكاكه بمحيطه ردود فعل على المثيرات الخارجية بحيث تكتمل نصف ردود فعله الثابتة في حياته في السنوات الاولى من حياته. وبديهي ان يكون للقيم السلوكية الايجابية والسلبية السائدة في محيطه العائلي دور فعال ومؤثر في تكوّن طريقة تعامله مع الغير. وتثبت الابحاث التربوية ايضاً أن تكوّن الصورة الذاتية لدى الطفل منذ حداثة سنه تؤثر في نظرته الى نفسه طيلة سني حياته. فاذا تكونت لديه صورة سلبية عن مقدرته ومكانته في عائلته بأن شعر نفسه مهملاً، دون دور معين في محيطه العائلي، لا يثير اهتمام أحد كأن وجوده أو عدمه سيّان نمت لديه صورة قاتمة عن مكانته في المجتمع، ما تلبث ان تترجم بتصرفات تؤدي الى اثبات الوجود عبر سياق تعويضي يتصف بالعنف أو بالمشاكسة أو بالانحراف. وبالعكس اذا وجد الرعاية والمحبة والعاطفة والتقدير والتشجيع بين افراد اسرته زهت صورته عن نفسه ونمت مقدراته ومواهبه واصبح يشعر باشراقة مضيئة تشع من شخصيته فتؤهله للقيام بدور فعال في حياته العائلية ومن ثم المدرسية والمهنية والاجتماعية.
واثبت التقرير الذي وضعه كولمان نتيجة لأبحاثه التربوية المؤيدة بالأبحاث التي قام بها المجلس الاستشاري المركزي للتربية في انكلترا ان 50 % من ذكاء الاولاد البالغين السابع عشرة من عمرهم يتكون بين فترة تكون الجنين وسن الرابعة. وان 50%من المكاسب العلمية لدى البالغين ثمانية عشر عاماً تتكون ابتداءً من سن التاسعة. وان 33% من استعدادات الولد الذهنية والتصرفية والمقدامية والعاطفية يمكن التنبؤ بها في سن الثانية، وتصبح درجة التنبؤ 50% في سن الخامسة. وتضيف دراسة اخرى ان نوعية اللغة التي يخاطب بها الاهل اولادهم تؤثر الى حد كبير في فهم هؤلاء وتمييزهم لمعاني الثواب والعقاب وللقيم السلوكية لديهم ولمفاهيمهم ودورهم وأخلاقيتهم.
ويعتبر الاسلام أن من أهم مكاسب الانسان في الدنيا أن يكون له ولد صالح، سوِّي الشخصية والسلوك.
فقد روي عن الرسول (صلى الله عليه وآله) قوله: (من سعادة الرجل الولد الصالح).
وروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله: (ميراث الله من عبده المؤمن الولد الصالح يستغفر له).
التعلیقات