معجزات ولادة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله
الشيخ مهدي المجاهد
منذ سنة
ولادة النبي محمد صلى الله عليه وآله هي حدث تاريخي يعتبره المسلمون من أهم الأحداث في تاريخ الإسلام والبشرية بشكل عام. وقد وردت العديد من الروايات والأحاديث التي تصف هذا الحدث العظيم.
وفي هذه اللحظة المهمة، كانت السماء مليئة بالبراكين والنجوم تتلألأ بشكل خاص، والأرض أهتزت بفرح وسرور. وُصفت الليلة بأنها كانت هادئة ومليئة بالسلام والأمان.
تمثل ولادة النبي محمد صلى الله عليه وآله بداية مسيرته النبوية، حيث تلقى وحي الله الذي أدى به رسالة الإسلام والقرآن الكريم إلى البشرية. ومن هذه الولادة العظيمة برزت العديد من المعجزات التي تُعتبر علامات على صدق نبوته ورسالته.
أسمه ونسبه صلى الله عليه وآله
النبي محمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف ، وينتهي نسبه الشريف إلأى النبيّ إبراهيم الخليل عليه السلام
كنيته ولقبه
كنيته أبو القاسم ، أبو إبراهيم ، ولقبه المصطفى.
تاريخ ولادته صلى الله عليه وآله ومكانها
17 ربيع الأوّل 40 عاماً قبل البعثة النبوية ، الموافق 571 ميلادي ، في مكّة المكرّمة.
وهو العام الذي يّسمى بعام الفيل ، حيث تعرّضت فيه مكّة لعدوان إبرهة الحبشي صاحب جيش الفيل ، فجعل الله كيدهم في تضليل ، كما ورد في سورة الفيل من القرآن الكريم.
أمّه وزوجته
أُمّه السيّدة آمنة بنت وهب بن عبد مناف ، وزوجته السيّدة خديجة بنت خويلد الأسدي ، أمّ السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام ، وله زوجات أُخر.
حمله المبارك صلى الله عليه وآله
حملت به أمه أيّام التشريق ، قالت: « فما وجدت له مشقة حتى وضعته ، ثم خرج أبوه عبد الله وامه حامل به في تجارة له إلى الشام ، فلما عاد نزل على أخواله بني النجار بالمدينة ، فمرض هناك ومات ورسول الله صلى الله عليه وآله .
وكان عبد الله فقيراً ، لم يخلف غير خمسة من الإبل وقطيع غنم وجارية اسمها بركة ، وتكنى أم أيمن وهي التي حضنت النبي صلى الله عليه وآله » (1).
سنتناول بعض الأحداث والظواهر الخارقة التي وقعت في ليلة مولد النبي محمد صلى الله عليه وآله، والتي تشهد على عظمته وصدقه كنبي ورسول إلهي.
ولادة آخر الأنبياء
علي بن إبراهيم بن هاشم عن رجاله قال : « كان بمكة يهودي يقال له يوسف فلما رأى النجوم تقذف وتتحرك ليلة ولد النبي صلى الله عليه وآله قال : نجد في كتبنا انه إذا ولد آخر الأنبياء رجمت الشياطين وحجبوا عن السماء ، فلما أصبح كان يتجسس عن المولود فدل على عبد المطلب فأتاه فلما نظر إلى عينيه وكشف عن كتفيه وعليها شعرات وقع مغشيا عليه فقال : ذهبت النبوة عن بني إسرائيل ، فتعجب منه قريش وضحكوا منه فقال : هذا نبي السيف ليبتزنكم » . (2)
قصة الولادة المباركة
قالت أمه السيدة آمنة سلام الله عليها: « لما قربت ولادة رسول الله صلى الله عليه وآله رأيت جناح طائر ابيض قد مسح على فؤادي فذهب الرعب عني واتيت بشربة بيضاء وكنت عطشى فشربتها فأصابني نور عال .
ثم رأيت نسوة كالنخل طوالا تحدثني وسمعت كلاما لا يشبه كلام الآدميين حتى رأيت كالديباج الأبيض قد ملا بين السماء والأرض وقائل يقول : خذوه من أعز الناس ، ورأيت رجالا وقوفا في الهواء بأيديهم أباريق ورأيت مشارق الأرض ومغاربها ورأيته علما من سندس على قضيب من ياقوتة قد ضرب بين السماء والأرض في ظهر الكعبة ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله رافعا إصبعه إلى السماء ورأيت سحابة بيضاء تنزل من السماء حتى غشيته ، فسمعت نداء : طوفوا بمحمد شرق الأرض وغربها والبحار لتعرفوه باسمه ونعته وصورته .
ثم انجلت عنه الغامة فإذا أنا به في ثوب أبيض من اللبن وتحته حريرة خضراء وقد قبض على ثلاثة مفاتيح من اللؤلؤ الرطب وقائل يقول : قبض محمد على مفاتيح النصرة والريح والنبوة .
ثم أقبلت سحابة أخرى فغيبته عن وجهي أطول من المرة الأولى وسمعت نداء : طوفوا بمحمد الشرق والغرب واعرضوه على روحاني الجن والإنس والطير والسباع وأعطوه صفاء آدم ، ورقّة نوح ، وخله إبراهيم ، ولسان إسماعيل ، وكمال يوسف ، وبشرى يعقوب ، وصوت داود ، وزهد يحيى ، وكرم عيسى » (3)
المعاجز الحاصلة في ساعة ميلاده المبارك
عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام قال : « كان إبليس لعنه الله يخترق السمآوات السبع ، فلما ولد عيسى عليه السلام حجب عن ثلاث سمآوات ، وكان يخترق أربع سمآوات ، فلما ولد رسول الله صلى الله عليه وآله حجب عن السبع كلها ، ورميت الشياطين بالنجوم ، وقالت قريش : هذا قيام الساعة الذي كنا نسمع أهل الكتب يذكرونه ، وقال عمرو بن امية : وكان من أزجر أهل الجاهلية : انظروا هذه النجوم التي يهتدي بها ، ويعرف بها أزمان الشتآء والصيف ، فإن كان رمي بها فهو هلاك كل شئ ، وإن كانت ثبتت ورمي بغيرها فهو أمر حدث .
وأصبحت الاصنام كلها صبيحة ولد النبي صلى الله عليه وآله ليس منها صنم إلا وهو منكب على وجهه .
وارتجس في تلك الليلة أيوان كسرى ، وسقطت منه أربعة عشر شرفة .
وغاضت بحيرة ساوة .
وفاض وادي السمآوة .
وخمدت نيران فارس ، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام .
ورأى المؤبذان في تلك الليلة في المنام إبلا صعابا تقود خيلا عرابا ، قد قطعت دجلة ، وانسربت في بلادهم .
وانقصم طاق الملك كسرى من وسطه .
وانخرقت عليه دجلة العورآء .
وانتشر في تلك الليلة نور من قبل الحجاز ثم استطار حتى بلغ المشرق .
ولم يبق سرير لملك من ملوك الدنيا إلا أصبح منكوسا ، والملك مخرسا لا يتكلم يومه ذلك .
وانتزع علم الكهنة .
وبطل سحر السحرة .
ولم تبق كاهنة في العرب إلا حجبت عن صاحبها ، وعظمت قريش في العرب ، وسموا آل الله عزوجل.
قال أبوعبد الله الصادق عليه السلام : إنما سموا آل الله لانهم في بيت الله الحرام ، وقالت آمنة : إن بني والله سقط فاتقى الارض بيده ، ثم رفع رأسه إلى السمآء فنظر إليها ، ثم خرج مني نور أضاء له كل شئ ، وسمعت في الضوء قائلا يقول : إنك قد ولدت سيد الناس فسميه محمدا ، وأتي به عبدالمطلب لينظر إليه وقد بلغه ما قالت امه ، فأخذه فوضعه في حجره ثم قال : الحمد لله الذي أعطاني ، هذا الغلام الطيب الاردان ، قد ساد في المهد على الغلمان.
ثم عوذه بأركان الكعبة ، وقال فيه أشعارا ، قال : وصاح إبليس لعنه الله في أبالسته فاجتمعوا إليه ، فقالوا : ما الذي أفزعك يا سيدنا؟ فقال لهم : ويلكم لقد أنكرت السمآء والارض منذ الليلة ، لقد حدث في الارض حدث عظيم ما حدث مثله منذ رفع عيسى بن مريم عليه السلام ، فاخرجوا وانظروا ما هذا الحدث الذي قد حدث ، فافترقوا ثم اجتمعوا إليه فقالوا : ما وجدنا شيئا ، فقال إبليس لعنه الله : أنا لهذا الامر ، ثم انغمس في الدنيا فجالها حتى انتهى إلى الحرم فوجد الحرم محفوظا بالملائكة ، فذهب ليدخل فصاحواب به ، فرجع ثم صار مثل الصر وهو العصفور فدخل من قبل حرى ، فقال له جبرئيل : وراك لعنك الله ، فقال له : حرف أسألك عنه يا جبرئيل ، ما هذا الحديث الذي حدث منذ الليلة في الارض؟
فقال له : ولد محمد ، فقال له : هل لي فيه نصيب؟ قال : لا ، قال : ففي امته؟ قال : نعم ، قال : رضيت »
توضيح : الزجر بالفتح : العيافة وهو نوع من التكهن ، تقول : زجرت أنه يكون كذا. والارتجاس : الاضطراب والتزلزل الذي يسمع منه الصوت الشديد. وغاض الماء بالغين ولاضاد المعجمتين ، أي قل ونضب ، قال الاجزري : ومنه حديث سطيح وغاضت بحيرة ساوة ، أي غارماءها وذهب. والسماوة بالفتح : موضع بين الكوفة والشام ، وقال الخليل في العين : هي فلاة بالبادية تتصل بالشم. والمؤبذان بضم الميم وفتح الباء : فقيه الفرس وحاكم المجوس كالمؤبذ ذكره الفيروزآبادى. وقال الجررى : في حديث سطيح فأرسل كسرى إلى المؤبذان ، المؤبذان للمجوس كقاضي القضاة للمسلين ، والمؤبذ كالقاضي. وانسرب الثعلب في حجره أى دخل.
قوله عليه السلام : وانخرقت عليه دجلة العور آءيظهر مما سيأتي أن كسرى كان سكر بعض الدجلة وبنى عليها بناء ، فلعله لذلك وصفوا الدجلة بعد ذلك بالعورآء لانه عور وطم بعضها فانخرقت عليه ، واندهم بنيانه ، ورأيت في بعض المواضع بالغين المعجمة من إضافة الموصوف إلى الصفة ، أي العميقة. والاردان جمع الردن بالضم ، وهو أصل الكم ، ولعله إنما خصها بالطيب لان الرائحة الخبيثة غالبا تكون فيها لمجاورتها للاباط ، قال الشاعر :
وعمرة من سروات النسآء *** تنفح بالمسك أردانها
قوله : ثم عوذه بأركان الكعبة ، أى مسحه بها ، أودعاله عندها ، أو كتب أسمائها وعلقه عليه صلى الله عليه وآله . (4)
1ـ أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن جلد : 1 صفحه : 213
2ـ مناقب آل أبي طالب / ابن شهرآشوب / المجلّد : 1 / الصفحة : 30 / ط المكتبة الحيدرية.
3ـ مناقب آل أبي طالب / ابن شهرآشوب / المجلّد : 1 / الصفحة : 28 / ط المكتبة الحيدرية.
4ـ بحار الأنوار / العلامة المجلسي / المجلّد : 15 / الصفحة : 259 / ط مؤسسة الوفاء.
التعلیقات