هل من مكان لي حول الحسين (عليه السلام)
الدكتورة عامرة البلداوي
منذ 5 سنواتكتبوا عن نساء حول الحسين عليه السلام، أعدادهن ومواقفهن ومن أي بيت أو قبيلة هن، نساء رافقن الحسين عليه السلام، وأخرى لذن بالحسين وهو ذبيح مسجى، ونساء تهيأن لمسيرة سبي طويلة بعد مقتل الحسين، نساء ودعن الحسين بلهفة وحيرة، لكن هل النساء حول الحسين هن من شهدن واقعة الطف، أم هن من حملن مشعل الحق ضد الباطل؟
من سرن مهتديات بسراج نهجه الوضاء، إن الحسين الذي ألهم العالم، وعلّمهم كيف يكون الإصلاح والأمر بالمعروف، كيف نحدده بتاريخ واقعة الطف في حين أن شعاع نهضته امتد إلى يومنا هذا، حيث لحق بذلك الشعاع الكثير من النساء والرجال ومن تاريخ الواقعة إلى هذا اليوم؟ كل امرأة وقفت مدافعة عن الحق، ونالت الشهادة فهي حول الحسين. الحسين هو محور النهوض والسمو والعنفوان والثورة على كل فساد وظلم، فكيف يغفل الكتّاب والتاريخ نساء وقفن المواقف مناصرات للحسين ونهضته ولم يكتب لهن المشاركة في الواقعة الأليمة؟ فهل يمكن ان نغفل موقف ((طوعة)) التي استضافت مسلم بن عقيل وخبأته في بيتها لتحميه من المتربصين الذين نشرهم ابن زياد بحثا عنه في أرجاء الكوفة؟ تفرق الرجال عن مسلم، ووقفت تلك المرأة موقفا ليس لأنه مسلم، بل لأنه سفير الحسين عليه السلام، لقد مست ذلك الشعاع، وتعلقت به، وارتقت شهيدة في موقف تفخر به النساء.
كما أن عمرة بنت النعمان بن البشير لم تشهد واقعة الطف، فهي زوجة المختار الثقفي الذي قال فيه السيد الخوئي رحمه الله في معجم رجال الحديث (السيد الخوئي ج 91 ص 102). (( ويكفي في حسن حال المختار، إدخاله السرور في قلوب أهل البيت سلام الله عليهم بقتله قتلة الحسين (عليه السلام)، وهذه خدمة عظيمة لأهل البيت (عليهم السلام) يستحق بها الجزاء من قبلهم)). وبعد قتل المختار من قبل مصعب بن الزبير الذي هدد عمرة بضربها بالسيف أو تتبرأ من المختار، فقالت ((شهادة أرزقها فأتركها؟ كلا! إنها موتة، ثم الجنة والقدوم على الرسول وأهل بيته، اللهم اشهد أني متبعة لنبيك وابن بنته وأهل بيته وشيعته ))، ثم قدمها فقتلت صبرا.
فقال فيها الشاعر عمر بن أبي ربيعة:
أن من أعجب العجائب عندي قتل بيضاء حرة عطبول
قتلت هكذا عَلَى غير جرم إن لله درها من قتيل
كتب القتل والقتال علينا وعلى المحصنات جر الذيول
وإذا كان هناك متسع من ذلك الشعاع ليمس من سار على درب الحسين حتى آخر الدهر، فهل لنا مكان حوله؟ هل سنتمكن من الوصول إلى تلك المنزلة الرفيعة؟ أتساءل لماذا اعتبر الحسين أصحابه أفضل الأصحاب وزاد فضلهم على غيرهم؟ فهم شهداء ليس ككل الشهداء، لقد اختبروا، وامتحن صبرهم على البلاء، وأظهروا استعدادا وثباتا على المبدأ. عرضت عليهم المغريات فلم يتغيروا، وغربلوا بالتجارب فلم يتبدلوا، ونهجهم ذلك الشعاع يرونه جليا واضحا في حين تغبش أعين الناس، وتشتكل عليهم الأمور، ويتيهون في وسط الطريق، فالحسين هو الاختبار. فهل نحن مستعدون ليكون لنا مكانا حوله؟ ولنحسب، ونحتسب من أنصاره.
التعلیقات