الركب الحسيني في يوم الأربعين
الشيخ مهدي المجاهد
منذ 4 سنواتوصول ما تبقى من الركب الحسيني إلى كربلاء
ولما رجع علي بن الحسين عليه السلام وعياله من الشام وبلغوا العراق، قالوا للدليل:
مرّ بنا على طريق كربلاء، فوصلوا إلى موضع المصرع، فوجدوا جابر بن عبد اللّه الأنصاري [وكان أعمى] وجماعة من بني هاشم ورجالا من آل رسول اللّه صلى الله عليه وآله قد وردوا لزيارة قبر الحسين عليه السلام. فوافوا في وقت واحد، وتلاقوا بالبكاء والحزن واللطم، وأقاموا المآتم المقرّحة للأكباد، واجتمع إليهم نساء ذلك السواد [أي: أهل العراق]؛ فأقاموا على ذلك أياما.(1)
زيارة جابر الانصاري في الأربعينية
وقال عطا : كنت مع جابر بن عبدالله يوم العشرين من صفر، فلما وصلنا الغاضرية اغتسل في شريعتها، ولبس قميصا كان معه طاهرا، ثم قال لي: أمعك شئ من الطيب يا عطا؟ قلت: معي سعد، فجعل منه على رأسه وسائر جسده، ثم مشى حافيا، حتى وقف عند رأس الحسين عليه السلام، وكبر ثلاثا، ثم خر مغشيا عليه، فلما أفاق سمعته يقول :
(السلام عليكم يا آل الله، السلام عليكم يا صفوة الله، السلام عليكم يا خيرة الله من خلقه، السلام عليكم يا سادات السادات ....)(2)
قال ابن عطية: بينا نحن بالكلام وإذا بسواد قد أقبل علينا من ناحية الشام، فقلت: يا جابر إني أرى سواداً عظيماً مقبلاً علينا من ناحية الشام، فالتفت جابر إلى غلامه، وقال له: انطلق، وانظر ما هذا السواد، فإن كانوا من أصحاب عبيدالله بن زياد ارجع إلينا حتى نلتجأ إلى مكان، وإن كان هذا سيّدي ومولاي زين العابدين أنت حرّ لوجه الله.
فانطلق الغلام بأسرع من أن رجع إلينا، وهو يلطم وجهه، وينادي: قم يا جابر واستقبل حرم الله وحرم رسول الله صلى الله عليه وآله، فهذا سيدي ومولاي علي بن الحسين عليه السلام قد أقبل بعمّاته وأخواته؛ ليجدّدوا العهد بزيارة الحسين عليه السلام. فقام جابر ومن معه، واستقبلوهم بصراخ وعويل، يكاد الصخر أن يتصدّع منه، ولمّا دنى من الإمام انكب على قدميه يقبّلهما، وهو يقول: سيّدي عظّم الله لك الأجر بمصاب أبيك الحسين، وعظّم الله لك الأجر بعمومتك وأخوتك. فقال الامام عليه السلام : أنت جابر؟ قال: نعم، سيّدي أنا جابر، فقال عليه السلام : يا جابر ههنا ذبحت أطفال أبي.
هنا رأيت أبي في التراب منعفرا ***وصحبه حوله صرعى على الترب(3)
اقامة العزاء عند القبر الشريف
فلما وصلو كربلاء، أخذوا بالبكاء والنحيب واللّطم، وأقاموا العزاء إلى مدّة ثلاثة أيّام، واجتمع إليهم نساء أهل السّواد، فخرجت زينب عليها السلام في الجمع، وأهوت إلى جيبها فشقّته ونادت بصوت حزين يقرح القلوب، وا أخاه وا حسيناه وا حبيب رسول الله وابن مكة ومنى، وابن فاطمة الزهراء، وابن علي المرتضى، آه ثم آه ووقعت مغشية عليها، وخرجت أمّ كلثوم لاطمة الخدّين تنادي برفيع الصوت: اليوم مات محمد المصطفى، اليوم مات علي المرتضى، اليوم ماتت فاطمة الزهراء وباقي النساء لاطمات ناعيات نائحات قائلات: وا مصيبتاه وا حسنا وا حسيناه. فلمّا رأت سكينة ما حلّ بالنساء رفعت صوتها تنادي: وا محمداه وا جدّاه يعزّ عليك ما فعلوا بأهل بيتك ما بين مسلوب وجريح، ومسحوب وذبيح، وا حزني أسفاً، ثم أمر علي بن الحسين عليهما السلام بشدّ رحاله، فشدّوها، فصاحت سكينة بالنساء لتوديع قبر أبيها، فدرن حوله فحضنت القبر الشريف وبكت شديداً، وحنّت وأنّت وأنشأت تقول:
ألا يا كربلاء نودعك جسماً *** بلا كفن ولا غسل دفينا
ألا يا كربلاء نودعك روحاً *** لأحمد والوصيّ مع الأمينا (4)
ولما رجع علي بن الحسين عليه السلام وعياله من الشام وبلغوا العراق، قالوا للدليل:
مرّ بنا على طريق كربلاء، فوصلوا إلى موضع المصرع، فوجدوا جابر بن عبد اللّه الأنصاري [وكان أعمى] وجماعة من بني هاشم ورجالا من آل رسول اللّه صلى الله عليه وآله قد وردوا لزيارة قبر الحسين عليه السلام. فوافوا في وقت واحد، وتلاقوا بالبكاء والحزن واللطم، وأقاموا المآتم المقرّحة للأكباد، واجتمع إليهم نساء ذلك السواد [أي: أهل العراق]؛ فأقاموا على ذلك أياما.(1)
زيارة جابر الانصاري في الأربعينية
وقال عطا : كنت مع جابر بن عبدالله يوم العشرين من صفر، فلما وصلنا الغاضرية اغتسل في شريعتها، ولبس قميصا كان معه طاهرا، ثم قال لي: أمعك شئ من الطيب يا عطا؟ قلت: معي سعد، فجعل منه على رأسه وسائر جسده، ثم مشى حافيا، حتى وقف عند رأس الحسين عليه السلام، وكبر ثلاثا، ثم خر مغشيا عليه، فلما أفاق سمعته يقول :
(السلام عليكم يا آل الله، السلام عليكم يا صفوة الله، السلام عليكم يا خيرة الله من خلقه، السلام عليكم يا سادات السادات ....)(2)
قال ابن عطية: بينا نحن بالكلام وإذا بسواد قد أقبل علينا من ناحية الشام، فقلت: يا جابر إني أرى سواداً عظيماً مقبلاً علينا من ناحية الشام، فالتفت جابر إلى غلامه، وقال له: انطلق، وانظر ما هذا السواد، فإن كانوا من أصحاب عبيدالله بن زياد ارجع إلينا حتى نلتجأ إلى مكان، وإن كان هذا سيّدي ومولاي زين العابدين أنت حرّ لوجه الله.
فانطلق الغلام بأسرع من أن رجع إلينا، وهو يلطم وجهه، وينادي: قم يا جابر واستقبل حرم الله وحرم رسول الله صلى الله عليه وآله، فهذا سيدي ومولاي علي بن الحسين عليه السلام قد أقبل بعمّاته وأخواته؛ ليجدّدوا العهد بزيارة الحسين عليه السلام. فقام جابر ومن معه، واستقبلوهم بصراخ وعويل، يكاد الصخر أن يتصدّع منه، ولمّا دنى من الإمام انكب على قدميه يقبّلهما، وهو يقول: سيّدي عظّم الله لك الأجر بمصاب أبيك الحسين، وعظّم الله لك الأجر بعمومتك وأخوتك. فقال الامام عليه السلام : أنت جابر؟ قال: نعم، سيّدي أنا جابر، فقال عليه السلام : يا جابر ههنا ذبحت أطفال أبي.
هنا رأيت أبي في التراب منعفرا ***وصحبه حوله صرعى على الترب(3)
اقامة العزاء عند القبر الشريف
فلما وصلو كربلاء، أخذوا بالبكاء والنحيب واللّطم، وأقاموا العزاء إلى مدّة ثلاثة أيّام، واجتمع إليهم نساء أهل السّواد، فخرجت زينب عليها السلام في الجمع، وأهوت إلى جيبها فشقّته ونادت بصوت حزين يقرح القلوب، وا أخاه وا حسيناه وا حبيب رسول الله وابن مكة ومنى، وابن فاطمة الزهراء، وابن علي المرتضى، آه ثم آه ووقعت مغشية عليها، وخرجت أمّ كلثوم لاطمة الخدّين تنادي برفيع الصوت: اليوم مات محمد المصطفى، اليوم مات علي المرتضى، اليوم ماتت فاطمة الزهراء وباقي النساء لاطمات ناعيات نائحات قائلات: وا مصيبتاه وا حسنا وا حسيناه. فلمّا رأت سكينة ما حلّ بالنساء رفعت صوتها تنادي: وا محمداه وا جدّاه يعزّ عليك ما فعلوا بأهل بيتك ما بين مسلوب وجريح، ومسحوب وذبيح، وا حزني أسفاً، ثم أمر علي بن الحسين عليهما السلام بشدّ رحاله، فشدّوها، فصاحت سكينة بالنساء لتوديع قبر أبيها، فدرن حوله فحضنت القبر الشريف وبكت شديداً، وحنّت وأنّت وأنشأت تقول:
ألا يا كربلاء نودعك جسماً *** بلا كفن ولا غسل دفينا
ألا يا كربلاء نودعك روحاً *** لأحمد والوصيّ مع الأمينا (4)
فضل زيارة الأربعين:
إن يوم العشرين من شهر صفر يوم عظيم على قلوب المؤمنين حيث يستحب فيه زيارة الإمام الحسين عليه السلام عن مولانا الحسن بن علي العسكري عليه السلام أنه قال: «علامات المؤمن خمس: صلاة إحدى وخمسين، وزيارة الأربعين، والتختم في اليمين، وتعفير الجبين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم» (5).
زيارة الأربعين في الآونة الأخيرة:
وقد شهدت الأراضي المقدسة في الآوانة الأخيرة وبعد سقوط النظام البائد في العراق توافد المؤمنين والمسلمين من مختلف أرجاء العالم ومن شتى مناطق العراق إلى زيارة المولى أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، وذلك مشيا على الأقدام لما فيه من ثواب الوارد في الروايات إحياء للشعائر الحسينية، وقد يقدم الأهالي أثناء الطريق في هذه الزيارة المليونية جميع الخدمات للزائرين الوافدين مرحبين بهم بكل غال ونفيس لا يريدون بذلك جزاء ولا شكورا، إلا شفاعة جده النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآله يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
وفي هذا العام أيضا وفي ظل تفشي فايروس كورونا المستجد، هذه المسيرة مستمرة، كما انطلقت من أقصى مناطق العراق، ووصلت طلائعها قبل يوم العشرين إلى كربلاء المقدسة، وها هي قلوب المؤمنين الذين حُرموا في هذا العام من اللحوق بهذا الركب، فتهوى القلوب إلى تلك الزيارة وإلى تلك المقامات والمزارات. سائلين العلي القدير أن يكشف هذه الغمة عن هذه الأمة، وأن ترتفع هذه الجائحة من العالم أجمع، بشفاعته عليه السلام وهو الشفيع في الدنيا والآخرة.
إن يوم العشرين من شهر صفر يوم عظيم على قلوب المؤمنين حيث يستحب فيه زيارة الإمام الحسين عليه السلام عن مولانا الحسن بن علي العسكري عليه السلام أنه قال: «علامات المؤمن خمس: صلاة إحدى وخمسين، وزيارة الأربعين، والتختم في اليمين، وتعفير الجبين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم» (5).
زيارة الأربعين في الآونة الأخيرة:
وقد شهدت الأراضي المقدسة في الآوانة الأخيرة وبعد سقوط النظام البائد في العراق توافد المؤمنين والمسلمين من مختلف أرجاء العالم ومن شتى مناطق العراق إلى زيارة المولى أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، وذلك مشيا على الأقدام لما فيه من ثواب الوارد في الروايات إحياء للشعائر الحسينية، وقد يقدم الأهالي أثناء الطريق في هذه الزيارة المليونية جميع الخدمات للزائرين الوافدين مرحبين بهم بكل غال ونفيس لا يريدون بذلك جزاء ولا شكورا، إلا شفاعة جده النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآله يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
وفي هذا العام أيضا وفي ظل تفشي فايروس كورونا المستجد، هذه المسيرة مستمرة، كما انطلقت من أقصى مناطق العراق، ووصلت طلائعها قبل يوم العشرين إلى كربلاء المقدسة، وها هي قلوب المؤمنين الذين حُرموا في هذا العام من اللحوق بهذا الركب، فتهوى القلوب إلى تلك الزيارة وإلى تلك المقامات والمزارات. سائلين العلي القدير أن يكشف هذه الغمة عن هذه الأمة، وأن ترتفع هذه الجائحة من العالم أجمع، بشفاعته عليه السلام وهو الشفيع في الدنيا والآخرة.
1ـ اللهوف للسيد ابن طاووس، ص 82.
2ـ بحار الأنوار: ج 101، ص 329.
3ـ ثمرات الأعواد: ج2، ص 57.
4ـ الدمعة الساكبة: ج 5، ص 163.
5ـ كتاب الاقبال ص 589، بحار الأنوار: ج 98، ص 348.
التعلیقات