المرأة نصف المجتمع
موقع راسخون
منذ 10 سنوات
حفل تاریخ المرأة فی الاسلام بظهور نماذج ممیزة لها، ففی المراحل الأولى للرسالة الإسلامیة، شغلت
المرأة المسلمة مهام عدة وصلت الى حد المشارکة فی الحروب والقیام بأعمال الطبابة والتمریض، وجاءت المرحلة الثانیة للرسالة والتی مثلتها سلسلة الأمامة لتخرّج هذه المدرسة ثلة من النساء اللواتی انجبن خیرة الرجال وعلّمن أجیالا أیمانیة ورفدن مسیرة الاسلام بالتربیة الصالحة، والتاریخ یحدثنا عن (فضة) خادمة الزهراء (سلام الله علیها) وکیف کان منطقها القرآن الکریم الذی حفظته فما بالک بأحدى زوجات أمیرالمؤمنین (علیه السلام) وهی (أم البنین رضوان الله تعالى علیها) التی یکفیها فخرا أنها أم الشهداء الأربع فی کربلاء أم قائد جیش الإمام الحسین (علیه السلام) أبی الفضل العباس (علیه السلام(.
لا شک فی أن المرأة کالرجل إلاّ أن (للرجال علیهن درجة)(1) کما ذکره القرآن الحکیم.
أما ما نشاهده الیوم من تأخر المرأة .. سواء بإیقاعها فی الفساد کما فی الغرب(2)، أو بحصرها فی بیتها کما فی بعض بلاد الإسلام، فهی نتیجة عدم جریان القانون الإلهی علیها، إما بسببها نفسها، أو بسبب الرجل، أو الأنظمة الحاکمة، أو الاستعمار، أو ما أشبه..
ولذا نشاهد أن المرأة فی أول الإسلام ـ حیث طبق النبی (صلى الله علیه وآله وسلم) وأمیر المؤمنین علی (علیه السلام) حکم الإسلام ـ کانت تسیر جنباً إلى جنب الرجل:
فالزهراء (سلام الله علیها) کانت تعمل لإدارة البیت(3) ـ مع المشاق الموجودة حینذاک ـ من الکنس، والسقی، ومتح الماء (4)، وخیاطة الثیاب، والخبز، والخطابة داخل البیت وخارجه لأجل إحقاق الحق(5)، والعبادة، والتألیف، وتربیة الأولاد، وجعل البیت مدرسة لتعلیم النساء، وغیرها من الأعمال..
وکذلک کانت ابنتها زینب (علیها السلام)(6(.
والسیدة أم البنین (سلام الله علیها) هی کذلک، فکانت مدرسة فی مختلف أبعاد الحیاة کما یظهر من التاریخ ـ على قلة ما ورد عنها وعدم استیعابه ـ.
نعم لا إشکال فی أن للمرأة بعض الخصوصیات والمیزات، جعلها الله فیها بحکمته الدقیقة فی سنن الحیاة، فهی تمتاز على الرجل فی درجات العطف والحنان کما تختص بمراحل الحمل والرضاع، فإنها وإن اختلفت عن الرجل فی بعض ما یرتبط بالخلق کأنوثتها وبعض أحکامها الخاصة، إلاّ أن القاعدة العامة بین الرجل والمرأة التساوی إلاّ ما خرج بالدلیل، وقد حمّل الرجل الأمور الخشنة کالجهاد وما أشبه مما لا تناسب المرأة فإنها (ریحانة ولیست بقهرمانه) کما ورد فی الحدیث الشریف(7).
وکان فی کربلاء المقدسة أربعة أسواق للنساء، فی (الزینبیة) و(باب الخان) و(السلالمة) و(شارع الإمام أمیر المؤمنین علیه السلام).
وکانت النساء تشترک مع الأزواج فی رعی الأغنام وإدارة البساتین والغزل والخدمات البیتیة والخدمات الخارجیة مع محافظتهن على الحجاب الإسلامی والشؤون الدینیة.
هذا، ومن لاحظ تاریخ المرأة قبل الإسلام وقرأ أحوال المرأة فی الغرب والشرق إلى یومنا هذا، یرى عظیم اهتمام الإسلام بالمرأة، وکیف أعطاها حریاتها وکرامتها وعزها وشرفها(8)، وکیف أخذ بیدها إلى ما یمکنها من التقدم فی مختلف مجالات الحیاة، حتى قال رسول الله: (طلب العلم فریضة على کل مسلم ومسلمة)(9).
کانت دور الرسول (صلى الله علیه وآله وسلم) وعلی أمیر المؤمنین (علیه السلام) وآلهما (صلوات الله علیهم أجمعین) بطبیعتها دورا للتزکیة والتعلیم والتربیة للبشریة جمعاء.
وقد سجل التاریخ بعض ذلک .. کما وردت الروایات بالنسبة إلى الزهراء (علیها السلام) فکانت تعلم الأحکام الشرعیة وما أشبه للنساء.
وهکذا بعض زوجات الرسول (صلى الله علیه وآله وسلم)
ومن الطبیعی أن تکون دار الإمام علی (علیه السلام) وفی حین وجود أم البنین (سلام الله علیها) فیها، مدرسة للتعلیم والتزکیة.
فإن الرسول (صلى الله علیه وآله وسلم) ربّى المسلمین ذکوراً وإناثاً على ترک البطالة، والاشتغال الدائم فی أمور الدنیا والآخرة..
حتى أن معاویة لما أبطأ فی حضوره عند الرسول (صلى الله علیه وآله وسلم)عندما طلبه، قال (صلى الله علیه وآله وسلم):«لا أشبع الله بطنه» حیث أخبر بأنه مشغول بالأکل والأکل.. (10)
المصادر :
1- سورة البقرة: 228
2- فمثلاً: اکدت هیئة الاحصاء الحکومیة الفرنسیة فی 7/1/1999 ان 2 من بین کل 5 موالید جدد فی فرنسا یولدون من سفاح، واضافت الهیئة ان اولاد السفاح یزدادون تزامنا مع انخفاض معدلات الزواج.
الرأی الآخر: العدد 30 ص5 بتاریخ 1شوال 1419هـ 18/1/ 1999
وأکد معهد الاحصاء الایطالی ان ما لا یقل عن 4% من الایطالیات ما بین (14-59) عاماً هن ضحایا للاغتصاب الجنسی، وان مجموع الایطالیات اللواتی تعرضن لعملیات تحرش ومضایقة جنسیة یصل الى تسعة ملایین ایطالیة.
وأضاف التقریر ان 29% من عملیات الاغتصاب ترتکب داخل البیوت المغلقة و5/10% داخل السیارات، وکشف التقریر ایضاً الى نحو 14 ملیون ایطالیة یخشین السیر فی الشوارع المظلمة والاماکن المهجورة من دون رجالهن.
الرأی الآخر: العدد 27 ص5 بتاریخ 1رجب 1419هـ 21 /10/ 1998
3- وفی الحدیث عن الإمام الباقر (علیه السلام): (إنّ فاطمة (علیها السلام) ضمنت لعلی (علیه السلام): عمل البیت والعجین والخبز وقمّ البیت، وضمن لها علی (علیه السلام)ما کان خلف الباب: نقل الحطب وان یجیء بالطعام). بحار الأنوار: ج14 ص197 ب16 ح4، نقلاً عن تفسیر العیاشی.
4- مَتَحَ الماء: استخرجه، المعجم الوسیط.
5- إشارة إلى خطبتها (علیها السلام) فی المسجد احتجاجاً على أبی بکر، والى خطبتها فی بیتها للنساء من المهاجرین والأنصار. راجع للتفصیل کتاب (من فقه الزهراء (علیها السلام)) ج2و3و4، وکتاب (عوالم العلوم) مجلد فاطمة الزهراء (علیها السلام) تحقیق وطبع مؤسسة الإمام المهدی (علیه السلام)قم المقدسة.
6- کتاب (السیدة زینب عالمة غیر معلَّمة) ،وکتاب (کلمة السیدة زینب)
7- غوالی اللئالی: ج3 ص311 ح139
8- (الفقه القانون) وکتاب (الحجاب الدرع الواقی)
9- مجموعة ورام: ج2 ص176.
10- بحار الأنوار: ج 22 ص248 ب5 (بیان) وفیه: (وفی تاریخ البلاذری ان النبی (صلى الله علیه وآله وسلم)انفذ ابن عباس الى معاویة لیکتب له، فقال: انه یأکل، ثم بعث الیه ولم یفرغ من أکله، فقال النبی (صلى الله علیه وآله وسلم): لا اشبع الله بطنه.
التعلیقات